كم تبلغ سرعة الظلام بالمقارنة بالضوء؟

أولا ما هو الظلام؟

        لكي نحدد سرعة شيء ما علينا بالقيام بتعريفه. الظلام هو غياب الضوء،  و الضوء عبارة عن فوتونات (جسيمات ) والظلام هو عدم وجود الفوتونات أي أن الظلام هو لاشيء. بما أن الظلام ليس بشيء موجود فعلي يتحرك من مكان لآخر فهو جسب التعريف ليس له سرعة.

 قال عالم الفيزياء الفلكية نيل ديغراس تايسون : "إن الظلام هو انعدام الضوء، وبالتالي فليس له سرعة على الإطلاق". (من برنامجه StarTalk) إن أسرع "شيء" في الكون هو الضوء، وبما أن الظلام هو "لاشيء" فكونه "يبدو" أسرع من الضوء لن يخالف قوانين الكون. يمكننا تكوين الظلام بعدة طرق وفي بعضها، نعم سيبدو الظلام أسرع من الضوء. لنبدأ بمثال حيث تبدو فيه سرعة الظلام مساوية لسرعة الضوء (وهذا منطقي بما أن الظلام عبارة عن غياب الضوء): في يوم أرضي كباقي الأيام، تقرر  الشمس أنها بحاجة لاستراحة ولا تريد إنارة كوكبنا اليوم وسوف تنطفئ. يستغرق الضوء ليصل من الشمس للأرض حوالي ثمانية دقائق. لنتخيل شعاع الضوء عبارة عن كرات من الفوتونات التي تسير متتالية بسرعة الضوء، تنطفئ الشمس وتتوقف عن إصدار الفوتونات، إن آخر فوتون أصدرته الشمس قبل أن تنطفئ مباشرة ما زال واقف عند سطحها بعد أن انطفئت والآن عليه أن يلحق بالفوتونات السابقة له بسرعة الضوء ووصوله سيستغرق ثمانية دقائق أيضا. 

الشمس الآن منطفئة وإلى أن تنقضي الثمانية دقائق تلك ليصلنا آخر فوتون أصدرته الشمس لن نشعر أنها انطفئت. نستنتج أن "الظلام" الناتج عن انطفاء الشمس استغرق 8 دقائق ليصل للأرض وسرعته مساوية لسرعة الضوء.

        قم بإحضار مصدر ضوء صغير ووجهه إلى الحائط أمامك على مسافة ما، اقطع مسار الضوء بوضع اصبعك وستشاهد ظلا له على الحائط أكبر من حجمه بسبب وجود المسافة. قم بتحريك اصبعك يمنى ويسرى، إن الظل سيتحرك بشكل لحظي مع اصبعك بنفس الوقت لكن الظل لأنه أكبر يقطع مسافة أكبر من اصبعك في نفس الوقت، لذا سرعة الظل للتحرك يمنى ويسرى أكبر من سرعة اصبعك. لنقم بفعل الأمر ذاته لكن مع توجيه الظل على سطح القمر (انظر الصورة في الأسفل)، بما أن الظل هنا أكبر بكثير من اصبعك فإن الظل بإمكانه قطع مسافة أكبر بكثير من اصبعك في نفس الفترة، أي ستكون سرعة انتقال الظل من A إلى B أكبر بكثير من سرعة اصبعك وستفوق سرعة الضوء.

      ما الذي يحدث بالضبط؟ رغم أن الظل يتحرك بين A و B بسرعة أكبر من سرعة الضوء، إلا أن غياب الضوء الناتج عن وجود اصبعك لا يكون أبدا أسرع من الضوء. مثلا عند اللحظة التي يكون فيها ظل اصبعك عند A فإنك تمنع الفوتونات من التحرك من يدك إلى القمر بسرعة الضوء (كما في المثال السابق)، نفس الشيء عندما يكون ظل اصبعك عند B. باختصار، الظلام لا يسافر من A ل B، الظلام سببه أنت وهو يسافر منك لA بسرعة الضوء، ويسافر منك لB بسرعة الضوء. طريقة أخرى لفهم ذلك هي بمشاهدة الظلام على أنه جسم ثلاثي الأبعاد (مخروط الظلام) مسقط على سطح ليبدو ثنائي الأبعاد (دائرة الظل).

     إن الظلام المتمثل بغياب الفوتونات في المخروط سرعته مساوية لسرعة الضوء، تم اسقاطه على سطح وكون دائرة من الظل ثنائية الابعاد، ستتمكن الدائرة من التحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء. بهذه الطريقة الأخيرة يمكننا جعل ليس فقط الظلام يبدو أسرع من الضوء، بل الضوء يمكنه أن يبدو أسرع من الضوء. و"يبدو" فقط، إنما هو أبدا لا يتحرك أكبر من سرعته المعتادة. مثال على ذلك: حدث انفجار نجمي ما في الفضاء، نقطة الانفجار تتصرف كمصدر نقطي للضوء والضوء يصدر منها في كل الاتجاهات مكون كرة من الإشعاع التي يزداد حجمها باستمرار، عندما تصطدم هذه الكرة بسطح ما ستنشئ دائرة ثنائية الأبعاد من الضوء على هذا السطح تتوسع بسرعة أكبر من سرعة الضوء.